الثقافة الاماريكية

Estimated read time 0 min read
شارك المقال

‏في عام 1965، وقعت أعين الولايات المتحدة على منطقة استراتيجية للغاية في المحيط الهندي :
أرخبيل تشاغوس

ولكن مع هناك مشكلتان رئيسيتان تتعلقان بكيفية احتلال هذه المنطقة دون تنديد دولي !!

  • الاولى كانت ان الجزيرة تابعة لدولة موريشيوس وكانت موريشيوس نفسها تحت السيطرة البريطانية.

فما الذي فعلته أمريكا لحل هذه المشكلة؟

عقدت اتفاقًا سريًا مع بريطانيا وموريشيوس، نصّ على أن تمنح بريطانيا الاستقلال لموريشيوس مقابل تنازلها عن أرخبيل تشاغوس وفي المقابل، تقدم الولايات المتحدة لبريطانيا تقنية عسكرية تحتاجها بشدة، وهي غواصات “بولاريس”.

لم يكن بوسع موريشيوس أن تعلن صراحةً أنها باعت أرضها، فكان الحل أن يخرج رئيسها معلنًا تمسكه بسيادة الأرخبيل، بينما كان في السر قد تلقى مبلغ ثلاثة ملايين دولار رسوم مقابل التخلي عنها

  • أما المشكلة الثانية فكانت أكبر وأخطر:
    سكان الأرخبيل، الذين كانوا بالآلاف.

فكيف يمكن للولايات المتحدة أن تتعامل معهم؟

‏كان تهجيرهم جريمة كبرى بموجب القانون الدولي،
ولكن هل كانت أمريكا تخشى القانون الدولي؟ بالطبع لا.

في عهد الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، تم تشكيل لجنة بقيادة الأدميرال الأمريكي جريثام، ومعه الأدميرال البريطاني السير جريتباتش وبدأ الاثنان بتنفيذ خطة مرعبة لتهجير سكان أرخبيل تشاغوس الذين رفضوا طواعية الهجرة !!

ماذا فعلوا؟

أرسلت أمريكا وبريطانيا 30 سفينة حربية إلى شواطئ الأرخبيل، وفرضوا حصارًا اقتصادياً خانقًا على السكان، حيث قطعوا عنهم المياه والكهرباء، والمواد الغذائية ومنعوا وصول اي سفينة اليهم ونشروا آلاف الجنود في كل زاوية وقاموا بعمليات مداهمات يومية لإرهاب السكان
لكن هذا لم يكن سوى بداية الكارثة.

كان السكان يعتمدون في حياتهم اليومية على الكلاب التي تستخدم في الصيد والرعي.

فماذا فعل الأمريكيون؟

جمعوا جميع الكلاب، وأشعلوا النيران في الحطب، ثم قاموا بشوي الكلاب وهي حية أمام أعين أصحابها وكل من تجرأ على الاعتراض، تم ربطه من قدميه وإلقاؤه في النيران ليحترق مع حيواناته الأليفة.

لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد.

تمت مصادرة جميع الثروة الحيوانية والدواجن، وأُحرقت بالكامل، لحرمان السكان من أي مصدر غذائي.

‏أما أولئك الذين أصروا على البقاء، فقد تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب. حيث كان الجنود الأمريكيون والبريطانيون يربطون المعترضين على الهجرة من أطرافهم، ثم يغمرون رؤوسهم في الماء حتى يلفظوا أنفاسهم الأخيرة غرقًا.

أما النساء والفتيات، فقد تعرضن لانتهاكات لا يمكن تخيلها.

بعد شهور من الرعب والجوع والتعذيب، لم يكن أمام السكان سوى القبول بالتهجير القسري.

تم تجميعهم قسريًا في الميناء، وأُجبروا على الصعود إلى السفن الحربية البريطانية والأمريكية

لكن لم تكن في انتظارهم حياة جديدة، بل كانت رحلة إلى الموت

تمامًا كما فعل تجار العبيد في القرن الثامن عشر، عندما كانوا ينقلون الأفارقة بالسفن إلى مزارع السكر في أمريكا الوسطى والكاريبي،

قام الأمريكيون باختيار المرضى والمسنين من سكان تشاغوس، وربطوهم ثم ألقوهم في مياه المحيط الهندي لتلتهمهم أسماك القرش.

تم إلقاء 400 شخص في البحر، أما البقية، فقد تم نقلهم إلى بريطانيا ودول أخرى، ليجدوا أنفسهم مشردين في الشوارع بلا جنسية ولا مأوى، حتى انتهى الأمر بكثير منهم إلى
الإنتـ ـحـ ـار، لأنهم رفضوا التسول أو بيع بناتهم.

‏وهكذا، وبعد عشر سنوات من أجل الهيمنة والسيطرة، وتحقيق أهدافها تم التضحية بشعب كامل أمام أعين العالم.
وهذا لم يكن في تاريخ بعيد، بل في عام 1965.

بعد طرد السكان، وإخلاء الأرخبيل منهم بدأت الولايات المتحدة في بناء قاعدة دييغو غارسيا العسكرية، التي أصبحت واحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية، واستخدمت لاحقًا في حروب أفغانستان والعراق والخليج.

تضم أكثر من ألفي جندي مشاة، و30 سفينة حربية، ومدرجين للطائرات الحربية، ومنشآت للغواصات المسلحة نوويا، ومحطة للتجسس بالأقمار الصناعية.

تشاغوس..
جريمة تتكرر اليوم في غز.ة

وما حدث في تشاغوس لم يكن إستثناءً، بل هو نموذج متكرر لجرائم التهجير القسري.
و ترامب ليس استثناءً في السياسة الأمريكية، وليس مجرد سمسار مجنون يسعى لتغيير العالم أو إلغاء القضايا التاريخية.
بل هو خير من يمثل حضارة بلده.
إنها حضارة قائمة على الغزو، والنهب، والتهجير، وإبادة السكان الأصليين.
ورغم مرور عقود، لم يحصل سكان تشاغوس على العدالة، ولم تستطع القوانين الدولية إعادة حقوقهم. وهذا يثبت أن القانون الدولى لا يكفي، بل القوة والصمود وحدهما يفرضان الإرادة.
اليوم، يريدون أن يجعلوا قطاع غز.ة نسخة جديدة من أرخبيل تشاغوس.
ويسعون لإنشاء شواطئ، ومناطق سياحية، وقواعد عسكرية، بينما يتم تهجير السكان الأصليين إلى مصر أو الأردن، وربما إلى إندونيسيا والفلبين.

وعندما سُئل ترامب عن شرعية هذا المخطط، أجاب ببساطة:

“نحن قررنا، وسوف ننفذ.”

‏ولكن، ما الذي يمنع تكرار سيناريو تشاغوس في قطاع غز.ة..؟

الجواب الوحيد:
إن القوة وحدها هي التي تفرض الإرادة، أما البيانات والإستنكارات والشجب، فلا يراها الأمريكيون سوى تسولٍ للحقوق.

هذا العالم لا يحترم المتسولين.

عدونا ليس فقط ذلك الكيان الصهيو.ني الهش، بل عدونا الحقيقي هو أمريكا، وتلك الحضارة الغربية التي لا تعرف ….

مقالات في نفس السياق

مقالات للكاتب